في تدريس الفلسفةندوات ومحاضرات

مفهوم الإنتباه في الفلسفة اسماعيل باش

إسماعيل باش

مفهوم “الانتباه ” موضوعا للانشغال الفلسفي: مقاربة تاريخية

تقديم: مفهوم الإنتباه في الفلسفة

تقدم الأستاذ الفاضل اسماعيل باش صبيحة يومه الاثنين 2015/12/28. بمداخلة قيمة همت الإنتباه في الفلسفة، وذلك في إطار مناقشة موضوع العرض الذي قدمه الأستاذ الكريم عبد العزيز عسيلة بمدرسة حمان الفطواكي ( الانتباه في علم النفس المعرفي).

المداخلة، رصد حصيف، وتتبع تاريخي كرونولوجي للحظات أساسية، حظي فيها مفهوم “الانتباه” باهتمام التناول الفلسفي من طرف ثلة من المفكرين والفلاسفة”.

“أشير إلى بعض الملاحظات المتعلقة بهذا الموضوع المرتبط بمشكلة “الانتباه”. طُرح هذا المفهوم منذ الفلسفة الإغريقية إلى حدود الفلسفة المعاصرة. ظهر هذا المفهوم مع الرواقيين ( les stoiciennes )، و الذين أكدوا على قيمة الانتباه الدائم (Lattention‏ ‏permanente) لقد ألح هؤلاء الفلاسفة على ضرورة الانتباه الدائم للفيلسوف بالنسبة لليومي. Le quotidien) فالانتباه يمكننا من أن نتعلم كيف يمكن أن نعيش بالفلسفة في حياتنا اليومية.

كل المحاورات الفلسفية لـ Epictète و Marc Aurel اهتمت بمسالة توجيه الحياة من خلال الانتباه إلى درجة أن الفيلسوف الألماني Hegel في مؤلفه الفلسفي .”phénoménologie de l’esprit” أشار إلى أن مبدأ الرواقية هو اعتبارا الانتباه جوهر فكري “Essence pensante”، حيث يُربط فيه الانتباه بتجربة الوعي، ويتحول الانتباه إلى التأمل “contemplation”.‏

لكن أول فيلسوف اتخذ من مشكلة الانتباه موقفا فلسفيا هو Saint Augustin لأنه نظر إلى الانتباه من خلال مفهوم الذاكرة والزمن، وهذه ملاحظة أشارت إليها “Natalie Deprez ” في مؤلفها الرائع Attention et Vigilassions و هو مؤلف فلسفي تحدث بعمق فلسفي عن مشكلة الانتباه انطلاقا من الفلسفة الفينومينولوجية.

صحيح هناك تصورات حديثة في الفلسفة الحديثة مع ديكارت الذي ربط مفهوم الانتباه بالإرادة، وألان Alain الذي عالجه من خلال مفهوم الوعي، لكن تظل محاولة أوغسطين الأكثر عمقا في تاريخ الفلسفة، حيث ستفتح الأفق الفلسفي لهذا المفهوم في الفلسفة الألمانية مع كانط في كتابه ” نقد العقل الخالص”.

وسيتعمق مفهوم الانتباه بشكل أكثر قوة في الفلسفة المعاصرة مع كل من برجسون Bergson، حيث سيطرح مفهوم الانتباه من خلال مشكلة الذاكرة، وهوسرل الذي تناول موضوع الانتباه انطلاقا من مفهوم التأمل، خاصة أن الفينومينولوجيا تركز على تأمل المعيش Le vécu .

لكن المقال القوي في الفلسفة المعاصرة هو ما قام به بول ريكور، ففي نظر بعض الباحثين كتب بول ريكور مقالا فلسفيا سنة 1939 حول مفهوم الانتباه وعالجه من خلال فلسفته التأويلية التي تنفتح على المقاربة الفلسفية وعلى نتائج العلوم الانسانية، لكن بعيدا عن النزعة الوضعانية وبعيدا عن أية مقاربة ميتافيزيقية تفتقد إلى لطافة الملموس finesse du concret اتخذ مفهوم الانتباه بعدا انطولوجيا فلسفيا لأنه ينطلق من سؤال الفلسفة: ما هو هذا الإنسان؟

هناك إضافة أخرى أريد أن أشير إليها: إن الإنسان عند أوغسطين كائن منتبه لأنه كائن يتذكر، ولذلك فالانتباه أشد الأفعال التصاقا بالذات والوعي، واتخذ مفهوم الانتباه مسافة من مفهوم الخيال والمادة والجسد. الانتباه ديمومة متصل، بلغة برجسون، لا توجد فيه فجوة، أما الخيال Limagination فہو مکان (espace)

‏الانتباه بوصفه حدس داخلي اسقاط للمكان والجسد، والمكان لا يتمثل إلا بالعقل، لأن العقل لا ينتصر إلا في ميدان الهندسة كما يقول برجسون.


المراجع المعتمدة

◆ ناتالي ديبراز: الاهتمام واليقظة .P.E.F:2004.

‏◆ القديس أوغسطين: الاعترافات. بوتشي 1993.

◆ هيغل: Phénoménologie de l’esprit. إد: ب.ف.ف

◆ بيرجسون: Matière et Mémoire. جاليمارد.‏

◆ P.Ricœur: الأنثروبولوجيا الفلسفية والكتابات والمؤتمرات 3. إد: سيويل.

زر الذهاب إلى الأعلى