مجزوءة الوضع البشري

مفهوم الغير | تقديم مفهوم الغير

يرتبط مفهوم الغير في مجال التأمل الفلسفي بالبعد العلائقي التفاعلي كأحد الأبعاد المؤسِّسَة للوضع البشري، وبدراسة أبعاده ومستوياته: (الوجودي، المعرفي، الوجداني).

لا يتحدد الوضع البشري للشخص بوجوده الفردي المنعزل فقط، فقيمة الشخص وحريته لا تكمن في عزلته وفردانيته بل في انفتاحه على الغير كطرف أساسي في الوجود العلائقي المشترك، وكجزء من تفكيره، لا يمكن الاستغناء عنه. إن علاقة الشخص بذاته تمر عبر تأمله لعلاقته بغيره في كل أبعادها: الوجودية، المعرفية، الأخلاقية، الوجدانية، والاجتماعية.

وتنحصر دلالة مفهوم الغير في مقابل “الأنا” باعتباره ذاتا أخرى، تشبهني وتختلف عني، كما يحيل على الآخرين من الناس، أو الآخر من الناس، منظورا إليه بوصفه ذاتا وليس موضوعا. ويعرف الفيلسوف الوجودي الفرنسي “جون بال سارتر” Jean-Paul Sartre ” الغير باعتباره الأنا الذي ليس أنا، فهو ذات شبيهة ومختلفة عن الأنا.

دلالات مفهوم الغير

معرفة الغير خطاطة توضيحية
خطاطة توضيحية معرفة الغير

الدلالة الشائعة لمفهوم الغير

في التمثل الشائع يتخذ الغير معنى تنحصر دلالته في الآخر المتميز عن الأنا، يتحدد بالسلب، حيث يشير إلى ذلك الغير الذي يختلف عن الذات ويتميز عنها، ومن ثمة يمكن أن تتخذ منه الذات مواقف متباينة، بعضها إيجابي (كالتآخي، والصداقة، …الخ)؛ وبعضها سلبي (كاللامبالاة، والنبذ، والإقصاء، والعداء ..الخ). وهكذا، يتضح أن معنى الغير والآخر واحد في التمثل الشائع

الدلالة اللغوية العربية للغير

مشتق من غَير التي تستعمل عادة للاستثناء، بمعنى: سوى، وتفيد التمييز والاختلاف

الدلالة اللغوية الفرنسية للغير

هناك فرق بين مصطلحي الغير autrui والآخر l’autre حيث الآخر يفيد كل ما سوى الذات، فيشمل اختلاف الذوات وكذلك الأشياء والموضوعات، في حين أن دلالة الغير تُحصر في مجال الانسان فقط أي الآخرين من الناس

الدلالة الفلسفية لمفهوم الغير

الغير هو: “الأنا الذي ليس أنا” أي الأنا الآخر من الناس ، منظورا إليه بوصفه ذاتا وليس بوصفه موضوعا، إنه ذات أخرى تشبهني وتختلف عني.

أهداف الدرس

  • أن أدرك أن الغير؛ أنا آخر أو ذات أخرى تشبهني وتختلف عني، يشبهني من حيث كونه ذاتا واعية، ويختلف عني من حيث أن فِكرُه ووعيه وإرادته ليس هو فِكري ووعيي وإرادتي.
  • أن أدرك أن وجود الغير يتحدد  بالنسبة للأنا، كذات (وجود لذاته = ذات واعية) وكموضوع (وجود في ذاته = جسد أو مظهر خارجي)
  • أن أدرك أن وجود الغير ضروري لوجود الأنا، ولوعيها بذاتها، أو أن وجوده اعتباطي ومتجاوز بالنسبة للأنا.
  • أن أدرك أن وجود الغير يمارس تأثيرا إجابيا على وجود الأنا بحيث يجعلها تعي ذاتها (عواطفها ومشاعرها) وأنه أيضا وجود سلبي بالنسبة إليها (يمارس عليها التشييء ويسلبها إرادتها وحريتها ويهدد هويتها ووجودها الأصيل)
  • أن أدرك الصعوبة التي تطرحها معرفة الغير بين الإمكان والاستحالة
  • أن أدرك أن ما يجعل معرفة الغير صعبة أو مستحيلة هو كون الغير ذات أخرى، إن كانت تشبهني فهي تختلف عني ومعرفتي بها لا تتم بطريقة مباشرة.
  • أن أعي ان معرفة الغير ممكنة عن طريق التواصل والتعاطف الوجداني والتجربة البينذاتية المشتركة.

محاور درس الغير

  • المحور الأول: وجود الغير
  • المحور الثاني: معرفة الغير
  • المحور الثالث: العلاقة مع الغير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى