مفهوم الغير

المحور الثاني (2) معرفة الغير | مفهوم الغير | مجزوءة الوضع البشري

المعرفة عامة هي التصور الذهني الذي تتمثل من خلاله الذات العارفة موضوعا للمعرفة، قصد فهمه وتمثله وإدراك حقيقته.

أما معرفة الغير فهي تتعلق بطبيعة التصور الذي تدرك من خلاله الأنا كذات واعية وعارفة، الذاتَ الأخرى، أي ذاتُ الغير كموضوع للمعرفة، والكيفية التي تتمثل من خلالها: أفكاره، مشاعره، سلوكاته، عواطفه، مقاصده، نواياه، شخصيته …

وبالتالي: فمعرفة الأنا بالغير تتخذ صورة انطباعات، أفكار، إدراك عقلي، تمثلات، تصور، أحكام، ٱراء … متعلقة بذات الغير، كشكل من أشكال وعي الأنا بالأنا الٱخر أو بالذوات الأخرى.


التأطير النظري والإشكالي لقضية معرفة الغير

حين نسائل إشكالية معرفة الغير يتضح أن الأنا في سياق الحياة العلائقية والتفاعلية المشتركة يسعى باستمرار إلى تكوين معرفة عن الغير يحتكم إليها في التعامل مع الآخرين، غير أن هذه المعرفة المتعلقة بنفوس الآخرين، تطرح جملة من العوائق  والصعوبات، ذلك أن الغير ليس مجرد موضوع قابل للمعرفة من الخارج كما نعرف المواضيع والأشياء، بل هو ذات أخرى أيضا، وذاته ليست موضوع ملاحظة أو إدراك مباشر  ما دامت متعالية عن المجال الإدراكي للأنا، الشيء الذي يطرح صعوبة أو استحالة  تكوين معرفة حقيقية ومطابقة لذات الغير.

لكن، ومن جهة أخرى، مادام الغير ذاتا أخرى شبيهة بالأنا  فيمكن للأنا معرفة الغير في ذاته، وإدراك أفكاره ومشاعره، كما بإمكان الغير أيضا التعبير عن ذاته والكشف عنها للأنا سواء عن طريق التواصل أو في إطار الحياة المشتركة (تجربة النحن والبينذاتية)، مما يعني والحالة هذه أن معرفته قابلة للإمكان.  هكذا، نكون بصدد إشكالية فلسفية حاملة لتقابل وإحراج يمكن صياغتها والتعبير عنها في ضوء الأسئلة الفلسفة التالية:


الغير L’autrui اسم مفرد لجمع أغيار، ويعني الآخر من الناس، أي الأنا الآخر منظورا إليه، ليس بوصفه موضوعا، بل بوصفه ذاتا بشرية تمتلك وعيا وإرادة، إنه – وكما حددته المعاجم الفلسفية لـ paul foulquié و Lalande – الأنا الذي ليس أنا، المخالف والمطابق، إنه بعبارة أخرى alter ego أنا آخر وذات أخرى تشبهني، لكنها تختلف عني. إن الغير يشبهني من حيث كونه ذاتا واعية، ويختلف عني من حيث أن وعيه يظل مطابقا لذاته ومختلفا عن وعيي.


أطروحة سارتر : معرفة الغير كذات مستحيلة

أطروحة سارتر معرفة الغير

أطروحة ميرلوبونتي : معرفة الغير ممكنة عن طريق التواصل

موريس ميرلوبونتي معرفة الغير ممكنة

يقول ميرلوبونتي ” إن نظرة الغير لا تحولني إلى موضوع ، كما لا تحوله نظرتي إلـى مـوضـوع ، إلا إذا انسحب كل منا وقبع داخل طبيعته المفكرة، وجعلنا نظرة بعضنا إلى بعض لا إنسانية، وإلا إذا شعر كل منا بأن أفعاله، بدلا من أن تُتَقبل وتفهم ، تخضع للملاحظة مثل أفعال حشرة”.


أطروحة جاستون بيرجي : إنغلاق عالم الغير يحول دون معرفة الغير

غاستون بيرجي معرفة الغير غير ممكنة بل مستحيلة

يقول “بيرجي” “هكذا هو الإنسان سجين آلامه، ومنعزل في لذاته، ووحيد في موته، محكوم عليه بأن لا يُشبع أبدا رغبته في التواصل”


أطروحة ماليبرانش : معرفة الغير تخمينية افتراضية

 يرى “ماليبرانش” أن قياس الغير على الذات النابع من الاعتقاد أن الغير مطابق ومشابه لنا في المشاعر يقود إلى تقدير خاطئ، خصوصا وأن الانفعالات غالبا ما تدفعنا للخطأ إذا ما حكمنا على غيرنا من خلال ذواتنا، ولذلك يرى ماليبرانش أن معرفة الغير من حيث هو موجود مختلف عنا لا تتعدى التخمين وإطلاق فرضيات غالبا ما تكون خاطئة إذا ما اقتصرنا في حكمنا على مشاعرنا

أفكار مقتبسة من النص

  • لا نعرف نفوس الآخرين ولا عقولهم كما هي في ذاتها …
  • ما دامت نفوس الآخرين مختلفة عنا، فليس ممكنا معرفتها من خلال وعينا الذاتي …
  • أقسى ما يمكن الوصول إليه هو محاولة إطلاق فرضيات تقول بأن الناس الآخرين من نفس فصيلة ذواتنا …
  • نحن ندعي أن ما نشعر به هو ذاته ما يشعرون به …
  • عندما يحدث في جسمي انفعال من الانفعالات، فانا أخطئ دائما إذا ما حكمت على الآخرين من خلال ذاتي …
  • تقديري عادة ما يكون خاطئا …

يقول ماليبرانش ” إن المعرفة التي نكونها عن الآخرين كثيرا ما تكون معرضة للخطأ إن نحن اكتفينا بالحكم عليهم اعتمادا على الأحاسيس التي كوناها عن انفسنا”


أطروحة إدموند هوسرل : معرفة الغير ممكنة في تجربة النحن والبينذاتية

أطروحة هوسرل معرفة الغير

أطروحة ماكس شيلر : معرفة الغير ممكنة عن طريق التعاطف الوجداني

أطروحة ماكس شيلر معرفة الغير
زر الذهاب إلى الأعلى