المحور الأول (1) الحق بين الطبيعي والوضعي | مفهوم الحق والعدالة | مجزوءة السياسة
المحور الأول : الحق بين الطبيعي والوضعي
الإشكال الفلسفي : على أي أساس يقوم الحق؟ هل يقوم على أساس طبيعي أم على أساس وضعي؟ هل يقوم على القوة أم على التعاقد الاجتماعي؟
أساس الحق طبيعي
أطروحة توماس هوبز – Thomas Hobbes
يُبنى الحق حسب “توماس هوبز“ على أساس طبيعي، أي على “حق الطبيعة” وهو عند “هوبز” الحرية التي يمتلكها كل إنسان في أن يتصرف كما يشاء في إمكاناته الخاصة شريطة المحافظة على حياته”، فحق الطبيعة حق لا حدود له؛ وفي غياب الدولة لا شيء يحد من هذا الحق الطبيعي، وبما أن الناس لهم نفس القدرات العقلية والجسدية، وبما أنهم يسعون إلى توسيع سيطرتهم على الأشياء والأشخاص فإن ذلك يؤدي إلى حرب الكل ضد الكل.
والحل لتجاوز هذه الحالة من الحرب المدمرة هو لجوء الأفراد المتصارعين من أجل البقاء إلى الاتفاق والتوحد في إطار دولة على أساس التعاقد الاجتماعي، تعاقد يتنازل بموجبه الأفراد عن حريتهم الطبيعية المطلقة في التصرف لفائدة حاكم قوي يوكلون له مهمة اختيار أنجع الوسائل لتحقيق الأمن والسلم. فيصبح خطاب الحاكم هو المرجع المحدد للحق الواجب اتباعه من طرف المجتمع، وهذا الحق الوضعي يُلغي الحق الطبيعي والحرية الطبيعية للأفراد، ويُلزم الجميع بالخضوع لسلطة الحاكم.
أساس الحق وضعي
أطروحة كيلسين – Hans Kelsen
إذا كان الحق عند أصحاب نظرية العقد الاجتماعي يتأسس على افتراضات عقلية، فإن أصحاب النزعة الوضعية ممثلة في هانز” كيلسن” يعترضون على فكرة “الحق الطبيعي” ويؤكدون على خلاف ذلك أنه لا وجود لحق غير الحق الوضعي الذي تحدده القوانين الوضعية المنصوص عليها في الدستور والمتواضع عليها في جماعة ما. وبصيغة مختلفة فأصحاب النزعة الوضعية يدافعون عن فكرة أنه لا وجود لحق غير الحق الوضعي القار لأن الحق يقول القانون، كما أن القانون يقول الحق، ويمثل القانون بجانب المؤسسات القضائية والتنفيذية قوى الإلزام والنظام لترجمة الحق إلى معيش، هكذا يصير الحق نسبيا، بحيث يختلف من مجتمع إلى مجتمع آخر. لكن القوانين الوضعية لا ترقى إلى ما هو مثالي لأن القانون عام وتطبيقه على حالات جزئية يؤدي إلى الظلم وهذا يدفعنا إلى التفكير في علاقة الحق بالعدالة.