1. الإدراك الحسي والشعور
الإشكال الفلسفي: ما دلالة الوعي؟ وهل يمكن تحديد مفهومه بدقة؟ وما علاقته بنشاط الجهاز العصبي والإدراك الحسي والشعور؟

المحور الأول: الإدراك الحسي والشعور
المفاهيم المركزية:
الإدراك الحسي | الشعور |
---|---|
هو الفعل الناتج عن عمل الحواس، التي تزود الذات بالمثيرات الحسية الصادرة عن العالم الخارجي، ويوازيه على المستوى الباطني، الإدراك الحسي أو الشعور. | هو حالة من حالات الوعي، يرتبط بالجانب الباطني للذات، ويتعلق بما هو نفسي أو بيولوجي أو معرفي. (الأبعاد المحددة للذات الانسانية) |
صياغة الإشكالية الفلسفية:
الوعي يمكن أن يتم انطلاقا من معنيين : معنى عام حيث الوعي معرفة مباشرة، تدرك الذات من خلاله موضوعات وأشياء العالم الخارجي (المحيط الطبيعي والاجتماعي)، ومعنى خاص للوعي، كمحتوى نفسي ومعرفي، يتمثل في مجموع الخبرات والظواهر النفسية الخاصة بالفرد ، إذن فالوعي هو من جهة حضور لتجارب إنسانية في الوجود وهو من جهة أخرى المعرفة بها. من هنا نتساءل: ما طبيعة الوعي؟ وهل يمكن تحديد مفهومه بدقة؟ وما علاقته بنشاط الجهاز العصبي وبالإدراك الحسي والشعور؟
تحليل ومناقشة نص “جون بيير شونجو” “الوعي نشاط عصبي فيزيولوجي” ص 14
قراءة النص:
يعتبر أغلب الفلاسفة وعلماء اللاهوت، أن دراسة الوظائف العليا للدماغ، مجال من مجالات اختصاصهم، ويصرّون بقوة على ذلك؛ ولاسيما وأن الوظائف الدماغية لم تخضع بعد للتحليل العلمي الدقيق. وليس في هذا الأمر ما يقلقني، لأن هذه الوظائف الدماغية ستصبح، عاجلا أو آجلا، موضوعا للبحث العلمي؛ بل إن ما يقلقني هو المجهود الجبار الذي يجب بذله للابتعاد عن الخطابات الأدبية حول الموضوع.
من الطبيعي، بالنسبة لي وباعتباري عالم بيولوجيا الأعصاب، أن أعتبر كل نشاط عقلي، -كيفما كان، سواء كان تفكيراً، أو اتخاذا لقرار، أو انفعالا، أو شعوراً أو وعيا بالذات- عبارة عن نشاط عصبي مشروط فزيولوجيا، بحيث تكون خلايا عصبية محددة، هي التي تستجيب، أولا، لمنبهات خارجية. وقد أذهب أبعد من هذا، فأقول: ليس النشاط العقلي سوى النشاط العصبي.
وكما كتب سابقا، «جاك مونو»، فإن أحد أهم سمات العقل البشري، هي قدرته على «تخيل الوضعيات ذهنيا من أجل استباق النتائج وتهييء الفعل». وترتبط هذه القدرة مباشرة بملكة «التمثل»، مثل تمثل الموضوعات الخارجية.
وتؤكد العديد من نتائج التجارب النفسية – الفيزيائية على الطابع المادي للصور العقلية. لهذا فإن فرضيتنا تقول: إن الصور العقلية هي موضوعات مادية محددة بفضل «خريطة» دينامية للخلايا العصبية وللسُّيَالات العصبية التي تغذيها وتسري داخلها.
“جون بيير شونجو”، مانبار، نصوص فلسفية، بدون تاريخ، ص : 69
كاتب النص
“جان بيير شونجو Jean-Pierre Changeux”، عالم مختص في دراسة بيولوجيا الأعصاب، “نورو بيولوجي” Neurobiologis ، ولد يوم 6 أبريل 1936 بمدينة دومونت Domont الفرنسية، وهو عضو في أكاديمية العلوم منذ عام 1986، اشتهر بأبحاثه في العديد من مجالات علم الأحياء “البيولوجيا”، له عده إنجازات علمية، منها دراسته للتطور المبكر للجهاز العصبي، من لحظات التكون البيولوجي إلى مرحلة النضج الفيسيولوجي واضطلاعه بالعمليات الإدراكية، كما اهتم أيضا بدراسة العلاقة بين العقل (الجانب الوظيفي للدماغ) والدماغ (الجانب البنيوي). ويعتبر شونجو من العلماء المدافعين عن الطرح الذي يرى أن ظاهرة الوعي يمكن دراستها علميا، وهي نفس الفكرة التي عبر عنها من خلال النص أعلاه.
أسئلة الفهم
- حدد(ي) موضوع النص.
- كيف ينظر “شونجو” للوظائف العليا للدماغ؟
- ما طبيعة النشاط العقلي؟ وبماذا يفسر حدوثه؟
- إشرح(ي) العبارة التالية: “للصور العقلية طابع مادي”
- بماذا توسل “شونجو” في الدفاع عن تصوره؟
خطاطة توضيحية لفهم النص

1. مطلب الفهم
1.1 التأطير الإشكالي للنص
ينفتح مضمون نص “شونجو” على القضايا المتعلقة بمبحث الإنسان، وتحديدا ينخرط في السياق الإشكالي الذي أفرزته مشكلة الوعي، حيث يطرح الوعي صعوبة التحديد والتعريف، بين من يرى أنه ظاهرة يمكن دراستها علميا، ومن يرى أنه موضوع غامض تصعب دراسته، الأمر الذي أفرز عدة تصورات فلسفية وسيكولوجية وعلمية، وفي هذا الصدد يتقدم النص بتصور علمي لتعريف وتحديد الوعي محاولا الإجابة عن التساؤل التالي: ما طبيعة الوعي؟ وكيف يمكن تفسير حدوثه؟ وبعبارة أخرى: ما دلالة الوعي؟ وبأي معنى يمكن اعتباره نشاطا عصبيا فيزيولوجيا؟
2.مطلب التحليل
1.2 الأفكار الجزئية للنص
- يعتبر صاحب النص أن الوظائف العليا للدماغ، تشكل موضوعا للبحث العلمي، وليست موضوعا للدراسات الفلسفية واللاهوتية أو الخطابات الأدبية عامة، وعاجلا أو آجلا سيصبح موضوعا للبحث العلمي.
- إعتبار “شونجو” أن كل نشاط عقلي كيفما كانت طبيعته، (تفكيرا، اتخاذا لقرار، انفعالا، شعورا، وعيا بالذات …) هو عبارة عن نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا ومحدد بفعل عمل الخلايا العصبية.
- تعريف الصور العقلية والتمثلات بكونها موضوعات مادية محددة بفضل خريطة “دينامية” للخلايا والسيالات العصبية.
2.2 مفاهيم النص
- اللاهوت: هو العلم الذي يدرس القضايا الدينية دراسة عقلية وذلك بتأملها وشرحها وتأويل ما استعصى على الفهم منها.
- الوظائف العليا للدماغ: يُقصد بها النشاط العقلي أو نشاط الوعي، كالقدرات العقلية من قبيل الانتباه التركيز ، التمثل ، التفكير، اتخاذ القرارات…
- النشاط العقلي: هو النشاط الإدراكي الواعي ، أي مختلف الأنشطة الذهنية التي تعبر عن الوعي، وهو نتاج لوظائف الدماغ.
- النشاط العصبي: هو النشاط الكيميائي الفيزيولوجي الذي يشتغل على مستوى مناطق الدماغ بفضل دينامية (حركية) الخلايا والسيالات العصبية.
- البيولوجيا: هي علم الأحياء، أي العلم الذي يدرس الظواهر المرتبطة بالكائنات الحية.
- الفيزيولوجيا: هو العلم الذي يدرس أعضاء الكائن الحي ووظائفها ” علم وظائف الأعضاء”.
- التمثل: هو قدرة عقلية تقوم بتخيل وضعيات مادية على شكل صور عقلية (تمثلات). الوعي: هو نشاط عقلي مرتبط بخلايا الجهاز العصبي للدماغ.
3.2 العلاقة بين المفاهيم
يتبين لنا انطلاقا من العلاقة بين المفاهيم، أن الوظائف العليا للدماغ سواء كانت، تفكيرا، أو اتخاذا لقرار، أو انفعالا، أو شعوراً أو وعيا بالذات- عبارة عن نشاط عصبي مشروط فزيولوجيا بفعل الدور الذي تلعبه السيالات والخلايا العصبية التي تعتبر بمثابة الأساس المادي الفيزيولوجي للصور العقلية
4.2 أطروحة النص
الوعي حسب “شونجو” ليس موضوعا للدراسات الأدبية واللاهوتية، بل هو موضوع للبحث العلمي، وحدوثه يُفسر كنتيجة لوظائف الدماغ؛ المتمثلة في دور المناطق الدماغية والخلايا العصبية والسيالات العصبية التي تسري داخلها وتغذيها، بحيث ينتج عنها النشاط الذهني العقلي (الوعي)، أي ما نصطلح عليه بالوعي؛ سواء كان (تفكيرا ، شعورا، اتخاذا لقرار، تمثل…) ومنه فالوعي نشاط عصبي فيسيولوجي. أي أنه نشاط مادي تنتج عنه التمثلات والصور العقلية، وهذا ما تؤكده العديد من نتائج التجارب العلمية والنفسية.
5.2 حجاج النص
في سياق إبراز “شونجو” لأطروحته، إستهل نصه بحجة النقد، حيث اعترض على من يتخذون الوظائف العليا للدماغ كموضوع من مواضيع تخصصاتهم، مبرزا أنها ليست موضوعا للدراسات اللاهوتية والأدبية أو الفلسفية، بل هي موضوع للبحث العلمي، بعدها أكد -“شونجو”- على أن جميع الأنشطة العقلية والذهنية مثل التفكير واتخاذ القرار، الشعور، الوعي بالذات… هي نشاط عصبي فيزيولوجي، مفسرا ذلك بعمل الخلايا والسيالاات العصبية، باعتبارها تمثل الأساس المادي للصور العقلية، إضافة إلى هذا فقد استشهد أيضا بنتائج التجارب النفسية والعلمية التي أكدت على الطابع المادي للصور العقلية.
6. استنتاج النص
نستنتج بعد انتهائنا من تحليل نص “جون بيير شونجو” أن الوعي نشاط عصبي مشروط فيزيولوجيا
3. مطلب المناقشة:
1.3 المناقشة الداخلية للأطروحة:
1.1.3 قيمة الأطروحة:
تكتسي أطروحة النص قيمة علمية وواقعية، ويتجلى ذلك من خلال ربطها الوعي بنشاط الجهاز العصبي وبمناطق محددة من الدماغ، وهذا ما كشفت عنه الأبحاث والاكتشافات النورولوجية (علم الأعصاب) الحديثة، بفعل تطور التكنولوجيا الطبية المتمثلة في جهار التصوير الوظيفي بالرنين المغاطيسي FMRI الذي مكن العلماء من رصد المناطق الدماغية المسؤولة عن الأنشطة الذهنية العقلية، وما يؤكد هذا المعطى بشكل واقعي، هو أنه إذا أصيب أحد الأفراد بخلل مادي على مستوى مناطق الدماغ، فسيفقد الوظائف الذهنية المرتبطة بموقع الخلل مما سيترتب عنه اختلال في الوظائف الذهنية واضطراب في فاعلية الوعي.
2.1.3 حدود الأطروحة:
…2.3 المناقشة الخارجية للأطروحة:
إستثمار نص “بيرنراند راسل” ص 15 “الوعي ردود أفعال واستبطان”
أطروحة “بيرتراند راسل”
الوعي خاصية إنسانية ترتبط بحالة اليقظة وليس بحالة النوم، يدل من جهة على “ردود الأفعال” التي يصدرها الإنسان تجاه مثيرات الوسط الذي يعيش فيه، ومن جهة ثانية على “الإستبطان”؛ أي إدراك الذات لذاتها وأفكارها وعواطفها، وهو الشعور الذي يجعل الذات تستجيب للمثيرات الحسية وتعي أنها تستجيب لذلك. إذن فالوعي لا يمكن فصله عن مثيرات العالم الخارجي كما لا يمكن حدوثه دون عمليات الاستبطان التي تعتبر الشرط الأساسي للوعي. لكن، رغم وضوح هذا التعريف الذي قدمه راسل، إلا أنه يعترف بأنه مفهوم غامض يصعب تحديد دلالته بدقة، ويتطلب كتابات وتوضيحات كثيرة ومستفيضة.
مفاهيم الأطروحة
ردود الأفعال | الإستبطان |
---|---|
…. | … |