إذا كان العنف ظاهرة ملازمة للوجود البشري، فهو يتخذ أشكالا متنوعة، لذلك نتساءل: ما أشكال العنف؟ هل تقتصر أشكال العنف على العنف المادي الفيزيائي, أم تشمل أيضا أشكالا من العنف الخفي الرمزي واللطيف؟ و كيف يمكن للعنف أن يكون خفيا و لطيفا دون أن يفقد صفته كعنف؟
يعرض “إيف ميشو” أشكالا متعددة للعنف المادي الجسدي الذي يطبع المجتمعات الإنسانية في كل أبعادها السياسية والاقتصادية والتي تجد أسمى تعبير لها في تاريخنا المعاصر، حيث سيادة الحروب، الإبادات الجماعية، استبداد الأنظمة الشمولية العسكرية والبوليسية، الحروب الاستعمارية، حروب التحرير، معسكرات الاعتقال، الإجرام، ومختلف أشكال العنصرية و الاضطهاد، وأحكام الإعدام… و غيرها من المظاهر.
كما يخترق العنف المجال العلمي والتقني، بحيث تحولت هذه الأخيرة إلى قوى إنتاجية للأدوات والوسائل التقنية المتطورة لممارسة العنف، فارتبط بصناعة كل أنواع أسلحة التخريب الجماعي ليجعل من اقتصاد الحرب مرتعا خصبا له لذالك كان لابد من سياسة إعلامية عمومية تضبط طرق تداوله وإظهاره وإخفانه وتبريره، بل وتحول الإعلام إلى عنف يمارس بشكل ممنهج على الأفراد .